أخر الاخبار

بداية الفلسفة مع اليونان (معنى الفلسفة/ عوامل النشأة الفلسفة)

 دروس الجدع مشترك: نشأة الفلسفة

1-      نشأة الفلسفة:


طرح اشكالي:

لقد ظهرت الفلسفة في الحضارة اليونانية كتفكير جديد مقابل التفكير الأسطوري الخيالي الذي كان عند اليونانيين قبل ظهور الفلسفة. فما معنى كلمة ''فلسفة''؟ هل كانت الفلسفة دوما ملازمة للأنسان أم لها نشأة محددة في الزمان والمكان؟ اين ظهرت ومتى؟ ماهي أهم العوامل التي ساهمت في ظهورها عند اليونان؟ ماالذي يميز التفكير الفلسفي عن التفكير الاسطوري؟ وكيف كانت البداية الأولى لفعل التفلسف؟

أ‌-        الاطار اللغوي:

المعنى التداولي: عرفت الفلسفة عبر تاريخها تعريفات متعددة اختلفت في تحديد معناها كان جلها قدح وتنقيص من قيمتها واهميتها من قبيل انها ضرب من الزندقة والكفر والالحاد، تعمل على ترسيخ فكرة نكران الله وعدم الاعتراف بالدين، وانها كلام فارغ لا طائل منه، سوى مضعية للوقت.

المعنى اللغوي: كلمة الفلسفة، كلمة يونانية الاصل(philosophia) وتتكون من مقطعين (فيلو philo محب/ صوفيا sophia حكمة) وبذلك كلمة ''فيلوصوفيا'' تعني ''محبة الحكمة'' وليس المقصود بالحكمة هنا سداد الراي وكيفية التدبير؛ وانما المعرفة والنظر في المسائل الكبرى للكون بقصد الوصول الى عللها ومبادئها.

الفلسفة اذن هي العلم الكلي الذي يبحث في اصول وغايات الكون والطبيعة والانسان، وغاية هذا العلم النهائية كشف الحقيقة لذاتها، وبذلك كان فيتاغورس (572- 497 قبل ميلاد) أول حكيم وصف نفسه من القدماء بأنه فيلسوف، وعرف الفلاسفة بأنهم الباحثون عن الحقيقة، يتأمل الأشياء، يجعل حب الحكمة هو البحث عن الحقيقة، وجعل الحكمة هي المعرفة القائمة على التأمل.

ب‌-     الاطار المكاني:

لقد ظهرت الفلسفة في بلاد اليونان التي تحدها جنوبا جزيرة ''كريت''  التي شهدت بداية الحضارة والمدينة، وشرقا اسيا الصغرى التي كانت تعرف ازدهارا صناعيا،  تجاريا، وفكريا، أما غربا فتحدها اطاليا، وخيرا تحدها من جهة الشمال مقدونيا. تتميز بلاد اليونان من الناحية التضارسية بالحواجز الطبيعية كالمرتفعات (الجبال والهضاب) مما جعلها عبارة عن مناطق منعزلة، مع صعوبة المواصلات فقد تطورت كل مدينة في استقلال عن المدن الاخرى، حيث اعتمدت كل مدينة على الإكتفاء الذاتي اقتصاديا، كما كان لكل مدينة نظامها السياسي الخاص وحكومتها المستقلة سياسيا، ودينها وحضارتها. اشهر هذه المدن هي مدينة سبارطة وأثينا، حيث تقع أثينا في شرق بلاد اليونان مما جعل منها البوابة التي تدخل من خلالها حضارة اسيا الصغرى الى المدن الإغريقية الناشئة، كما انها تملك ميناء وأسطولا تجاريا بحريا كبيرا، بعدما ان حولت اسطولها العسكري الذي ساهمت به الى جانب اسبارطة لصد اطماع الفرس الإستعمارية زمن داريوس، فاصبحث من أعظم المدن التجارية في العالم القديم.

ت‌-     الاطار الزماني:

لقد ظهرت البوادر الأولى للتفكير الفلسفي، في بداية القرن 6 قبل الميلاد في مدينة ملطية على ضفاف اسيا الصغرى، حيث اقام اليونانيون مستعمرات فنية مزدهرة، وقد كان ظهورها على يد طاليس، انكسمندرس، انكسمانس الذين ارجعوا اصل الكون الى قوى طبيعية: الماء، الهواء.... لكن الفلسفة بشكلها المكتمل لم تظهر الا في القرن 4 ق.م بأثينا مع فلاسفة اليونان الكبار: سقراط، افلاطون، ارسطو.

فعل النشأة:

لقد نشاة الفلسفة بفعل توفر سلسلة كاملة من الشروط في بلاد اليونان مابين القرنين 8و4 م وهي:

أ‌-        على المستوى الاقتصادي: نظرا للارتباط الاغريق بالبحر، فقد ازدهرت لديهم التجارة والصناعة، مما ادى الى بروز تقسيم العمل والمبادرة الفردية الحرة، كما ظهر النقد في المبادلات التجارية بدل المقايضة.

ب‌-     على المستوى الاجتماعي: ظهور الطبقات الاجتماعية نتيجة تقسيم العمل (العبيد/ الاحرار) اضافة الى ظهور المدينة- الدولة؛ التي سمحت ببزوغ عقلية جديدة، وقد اتسمت بالانسجام والتناغم، سواء على صعيد الفضاء الهندسي أو الجماعة البشرية التي تقطنها.

ت‌-     على المستوى السياسي: لقد تميزت المدينة اليونانية بسيادة الديموقراطية التي تمثلت في المساواة بين المجال الحضاري والمجال القروي الذي كانت تشمله، للقروين والحضارين نفس الحقوق ونفس الواجبات، ويحتكمون الى نفس المحاكم، ينتخبون نفس النواب، ويجتمعون تحت قبة نفس البرلمان.

ث‌-     على المستوى الفكري: لقد كان للديموقراطية السياسية، وانتشار الثقافة تاثير على تطور الأفكار عند اليونان، بعدما كانت الحقيقة تعد سرا غيبيا يوحى، ومحروسا من قبل اسر معينة، صارت المعارف والتقنيات الذهنية معروضة امام الجميع وفي واضحة النهار، واصبحت قواعد العمل السياسي المتمثلة في الاشهار والنقاش الحر والحجاج. وقواعد للفكر كذلك، تتجلى في نشر المذاهب والنظريات، واخضاعها للنقد والمناظرة واعطاءها  صورة استدلالية برهانية ، وهذه هي مظاهر التفكير الفلسفي.

ج‌-      على المستوى الثقافي: لقد كانت الثقافة مشتركة ومشاعة بين اليونانين ولم تعد امتيازا لبعض العائلات أو بعض الادباء والمثقفين  نتيجة انتشار الكتابة الأبجدية  التي اتاحت للمواطنين جميعا تعلم القراءة والكتابة، كما أن المجال كام مفتوح امامهم للمشاركة في الحفلات والحضور الى المسارح للاستمتاع بجميع الابداعات الفنية والادبية.

prof hamza
بواسطة : prof hamza
استاذ مادة الفلسفة بالسلك الثانوي التاهيلي المغرب
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-