الشخص بوصفه قيمة:
نص كانط:
يعتبر الإنسان داخل نظام الطبيعة -كظاهرة من ظواهر الطبيعة و كحيوان عاقل- كائنا غير ذي أهمية قصوى، إذ أنه يمتلك مع مجموع الحيوانات الأخرى، بوصفها منتوجات للأرض، قيمة مبتذلة. لكن إضافة إلى امتلاكه ملكة الفهم -الشيء الذي جعله يسمو على جميع الكائنات الأخرى، وقادرا على تحديد غايات لنفسه- لا يكسب بذلك إلا قيمة خارجية نفعية. وبالرغم من كوننا قادرين على تفضيل هذا الإنسان عن ذاك، الأمر الذي يؤدي بنا إلى القول إن الإنسان يُقوم بسعر، وكأنه بضاعة داخل تجارة للبشر منظور إليهم من زاوية الحيوان والأشياء، إلا أن سعره ذاك يظل أقل قيمة من قيمة متوسط العملة السائدة والتي تؤخذ كقيمة عليا.لكن عندما نعتبره شخصا، أي كذات لعقل أخلاقي عملي، سنجده يتجاوز كل سعر. وبالفعل لا يمكن أن نعتبره -بوصفه كذلك أي بوصفه شيئا في ذاته- كوسيلة لتحقيق غايات الآخرين أو وسيلة لتحقيق غاياته الخاصة، بل يمكن تقديره كغاية في ذاته. وهذا يعني أنه يمتلك كرامة، وبامتلاكه لهذه القيمة يرغم كل الكائنات العاقلة الأخرى على احترام ذاته، ويتمكن من مقارنة ذاته بكل مخلوقات نوعه، و يتبادل معها الاحترام نفسه على أساس المساواة.وهكذا تكون الإنسانية التي تكمن في شخصه موضوع احترام يمكنه أن يُلزم به كل الآخرين ، ولن يستطيع أي إنسان أن يحرم نفسه منه أو يتخلى عنه.. وهذا يعني أنه لا ينبغي عليه أن يبحث عن غايته -وهذا من واجباته- بطريقة مُنْحطة… ولا ينبغي عليه أن يتخلى عن كرامته، بل يجب عليه دائما أن يحافظ على الوعي بالخاصية السامية لتكوينه الأخلاقي الذي يدخل ضمن مفهوم الفضيلة. إن هذا الاحترام للذات إذن هو واجب على كل إنسان تجاه نفسه .
Immanuel Kant , Fondements de la métaphysique des
mœurs (1785) , Traduction De V. Delbos Revue par Ferdinand Alquié Ed
Gallimard 1987 p294.